كلاّ، فيروس كورونا ليس سلاحا بيولوجيا واللقاحات المتوفرة ضده آمنة

يتداول مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي مقطعا يظهر فيه الصحفي التونسي الكندي لطفي غرس مخاطبا فيه شعوب العالم بأن فيروس كورونا هو عبارة عن سلاح بولوجي، وداعيا إياهم إلى عدم أخذ اللقاحات لأنها ستؤدي إلى وفاتهم بعد 3 سنوات.

الإدّعاء

نشر الإعلامي التونسي المقطع في بث مباشر على صفحته في فيسبوك، والمسماة “Le Journaliste Ghars Lotfi /الإعلامي لطفي غرس” بتاريخ 19/12/2020 بعد عن أعلن عنه في ذات اليوم؛

صورة شاشة للبث المباشر المعني
صورة شاشة للبث المباشر المعني.

إلى حدود تحرير هذا المقال (23/12/2020) فاقت نسبة مشاهدة المقطع ال 10 ملايين، كما حقق تفاعلا كبيرا وأعيدت مشاركته أكثر من 230 ألف مرة في فيسبوك فقط (مثل هذا وهذا وهذا وهذا وهذا

على غرار منصات أخرى مثل تويتر (مثل هذا وهذا وهذا وهذا)، وأعيد رفعه أيضا في منصات أخرى مثل يوتيوب (هنا وهنا وهنا).

ملخص الادعاءات:

أطلق الإعلامي لطفي غرس خلال البث الذي دام 9 دقائق تقريبا (مؤرشفا هنا) إدعائين رئيسيين هما:

  1. فيروس كورونا هو عبارة عن سلاح بيولوجي مطور مخبريا يهدف إلى نشر الوباء عالميا بهدف تقليل عدد سكان العالم؛
  2. اللقاح المطور ضد هذا الفيروس هو جزء من نفس المخطط، وستؤدي بحياة آخذها بعد 03 سنوات بحسب ما ذكر في المقطع، أو سنتين بحسب ما كتب في وصفه.

بعد البحث والتدقيق في مدى صحة الادعاءات تبين مايلي:

زائف

فيروس سارس-كوف-2 المسبب لوباء كوفيد-19 المتسبب في جائحة كورونا الحالية ليس سلاحا بيولوجيا!

منذ عزله لأول مرة، والتأكد من أنه عبارة عن فيروس جديد من عائلة فيروسات كورونا قادر على إصابه البشر بالعديد من الأعراض أبرزها الإلتهاب الرؤي الحاد،

اهتم العديد من الباحثين والهيئات البحثية  العلمية حول العالم عن مصدره، وقد تم وضع ادّعاء أن الفيروس عبارة عن  سلاح بيولوجي مطور مخبرياً قيد البحث، لكن التعرف على الفيروس أكثر سمح باستبعاده تماماً واعتبار هذا الادعاء زائف.

فالمعرفة والتكنولوجيا المتوفران حاليا لا يسمحان بخلق فيروس مماثل من الصفر؛ بحسب ما نقل موقع مركز أبحاث الأمراض المعدية التابع لجامعة مينيسوتا عن البروفيسور المختص في الفيروسات من عائلة كورونا “Stanley Perlman” والبروفيسور “James Le Duc” المختص في علم الأحياء الدقيقة والمناعة، مدير مختبر غالفستون الأمريكي،

كشفت الدراسات الأولى التي أجريت على الفيروس أنه يشبه بنسبة تقارب 96% من أحد الفيروسات من نوع كورونا الموجدة في الخفاش وتحديدا ذلك المسمى RaTG13، الأمر الذي يرجح أنه ذو مصدر طبيعي،

لكن ذلك فتح بابا للبعض ليقوم بالادّعاء بأن هذا الفيروس تم استخدامه في تطوير فيروس سارس-كوف-2 المسبب لكوفيد-19، خصوصا وأن الإختلاف يكمن أساسا في القطعة الجينية التي تؤدى إلى صنع “البروتين S” الموجود على الغلاف الخارجي للفيروس، والذي يعتبر بمثابة المفتاح الذي يسمح له باختراق خلايا الإنسان وتسبيب المرض خلاف نظيره RaTG13؛

الإختلاف في البروتين S
رسم بياني يوضح الإختلاف في الشيفرة الجينية المحددة لنوع البروتين S، الأمر الذي يجعل فيروس سارس-كوف-2 قادرا على التسبب في مرض كوفيد-19 لدى الإنسان خلاف نظيره RaTG13، وذلك رغم التشابه بينها بنسبة 96% (المصدر).

 

البروفيسور Even Kristian Andersen من قسم علم الأحياء الدقيقة والمناعة بمعهد Scripps Research بكاليفورنيا، نفى مع فريقه هذا الادّعاء من خلال دراسة نشرت في مجلة Nature Medicine في 17/03/2020،

حيث وضحت الدراسة أن البروتين S الموجودة في الغلاف الخارجي لفيروس سارس-كوف-2 تختلف تمامًا عن نظيراتها المجودة في فيروسات كورونا التي تملك القدرة على إختراق خلايا الإنسان (مثل فيروس سارس-كوف-1 المسبب لوباء سارس سنة 2003)؛

البروتين S الخاص بفيروس سار-كوف-2 لا يشبه أي من البروتينات S الموجودة في فيروسات كورونا الأخرى المعروف أنها تصيب الإنسان.
البروتين S الخاص بفيروس سار-كوف-2 لا يشبه أيا من البروتينات S الموجودة في فيروسات كورونا الأخرى المعروف أنها تصيب خلايا الإنسان (المصدر).

 

يكمن الإختلاف أساسا في احتواء البروتين S الخاص بفيروس سارس-كوف-2 على ميزتين أكثر تطورا من نظرائه الآخرين، هما “polybasic cleavage site” و”O-linked glycans“، الأمر الذي ينفى الادّعاء القائل بأنه تم استعمال أحد البروتينات S الخاصة بفيروسات كورونا التي يعرف أنها تصيب خلايا الإنسان في صناعة فيروس سارس-كوف-2.

خلصت في الأخير دراسة الفريق البحثي إلى أن الفيروس مصدره طبيعي،

كما كان ذلك الرأي الذي اتفق عليه المجتمع العلمي، من خلال البيان الذي نشره العديد من الباحثين في مجلة The Lancet، والذي استدل بالعديد من الأوراق العلمية لعدة فرق بحثية أخرى أثبتت أن الفيروس مصدره طبيعي،

على غرار العديد من الباحثين الآخرين من جمعية Leibniz وجامعة Bern الذين شرحوا في هذا المقطع المعد من وكالة Deutsche Welle الألمانية نفس الشيئ،

معهد ووهان لعلم الفيروسات!

بحكم قربه من سوق هوانان للمأكولات البحرية الواقعة بووهان الصينية، والتي تم إغلاقها في 01/01/2020 بسبب انتشار إلتهاب رؤي حاد مجهول المصدر تبين أنه وباء جديد بعد ذلك،

إضافة إلى أن المعهد يجري العديد من الدراسات والأبحاث حول العديد من الفيروسات من عائلة كورونا كورونا،

ومع صدور العديد من الدراسات العلمية التي أشارت إلى أن أحد أنواع فيروسات كورونا التي تصيب آكل النمل الحرشفي تملك على غلافها الخارجي بروتين S قريبا جدا من ذلك الذي يملكه فيروس سارس-كوف-2 المسبب لكوفيد-19،

تعالت العديد من الادّعاءات التي تشير إلى أن فيروس سارس-كوف-2 يمكن أن يكون قد تم تطويره في المعهد ومن ثم إطلاقه في السوق، أو أن أحد العاملين بالمعهد الذي يهتم بالفيروسات من نوع كورونا قد أصيب به ومن ثم أخذه إليه

كـبعض الأوراق البحثية الغير محكمة التي سحبت لاحقا،

صورة شاشة من خرائط غوغل تظهر قرب المسافة بين سوق هوانان للمأكولات البحرية ومعهد ووهان لعلوم الفيروسات.
صورة شاشة من خرائط غوغل تظهر قرب المسافة بين سوق هوانان للمأكولات البحرية ومعهد ووهان لعلوم الفيروسات.

نفت البروفيسورة Shi Zhengli مديرة المعهد الصيني الادعاءات الموجهة للمعهد الصيني في حوار لها مع موقع sciencemag.org مخبرة أن جميع أعضاء فريقها كانوا سلبيين بالفحص، وأن لا أحد من الفيروسات التي كان يدرسها المعهد كان مطابقا لفيروس سارس-كوف-2،

نشر موقع The Washigton post رأي العديد من الخبراء الذي أخبروا أن ادّعاء تطوير الصين لسلاح بيولوجي في معهد ووهان ضئيل جدا، لأن المعهد منفتح على العالم لارتباطه الكىبير مع مختبر جالفستون الأمريكي والمركز الدولي الفرنسي للأبحاث في مجال الامراض المعدية والمختبر الكندي الأحياء الدقيقة،

كما رأى العديد من الباحثين (هنا وهنا وهنا) أن فيروس سارس-كوف-2 لا يملك خصائص السلاح البيولوجي المثالي، خصوصا وأن نسبة الوفيات التي يتسبب بها تقارب ال 3% فقط مقارنة بما يجب أن يفترض بسلاح بيولوجي أن يفعل،

الباحث Christian Stevens من مختبر Benhur Lee Lab أوضح في مقاله الذي نشره في موقع المختبر أن احتمالية استعمال البروتين الخاص بأحد فيروسات كورونا المأخوذة من آكل النمل الحرشفي غير ممكن،

لأن ذلك يتطلب جهازا مناعيا فعالا للحصول على ال”O-linked glycans” المطابق تماما لذلك الخاص بسارس-كوف-2، الأمر الذي لا يتوفر في الخلايا المستعملة مخبريا ولا يوجد أي نموذج من حيوانات المخبر الذي يسمح بالقيام بذلك طبيعيا،

كما وضح الباحث Trevor Bedford من قسم اللقاحات والأمراض المعدية في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر أنه بعدما قام بالعديد من الحسابات المطبقة في علم الوراثة (تحديدا Ka/Ks ratio

والتي تهدف لمعرفة هل الطفرات الجينية الموجودة في فيروس ما (في هذه الحالة سارس-كوف-2) هي نتيجة تطور طبيعي أو تطور صناعي مسرع كذلك الذي يمكن أن يتم إجرائه في المختبرات،

خلص البروفيسور إلى استنتاج أن الطفرات المجودة في فيروس سارس-كوف-2 حدثت بسرعة طبيعية، وافترض احتمالا أنها قد تكون بدأت قبل 20 إلى 70 سنة في الطبيعة انطلاقا من أقرب فيروس منه،

ينفي ذلك الادّعاء القائل بأن مختبر معهد ووهان المتخصص في فيروسات كورونا والمنشأ سنة 2014 فقط، أو أي مختبر آخر قد يكون قام بتطوير الفيروس باستخدام حيوانات بطريقة سرية،

كما نشرت شبكة NPR الأمريكية في 27/04/2020 مقالا  نقلت فيه نفي آراء العديد من الباحثين من المجتمع العلمي إمكانية أن يكون الفيروس قد تم تطويره في مختبر ووهان لعلم الفيروسات.

تقييم فتبينوا: زائف، لأن قول الإعلامي لطفي غرس بأن فيروس كورونا عبارة عن سلاح بيولوجي لا يستند إلى أي دليل علمي أو منطقي، كما أنه يعارض رأي المجتمع العلمي الذي قدم أدلته في أن الفيروس ليس سلاحا بيولوجيا.

لقاحات كورونا آمنة ولن تقتلك بعد 2 أو 3 سنوات، بل العكس تماما!

قبل اعتماد أي لقاح أو دواء بشكل نهائي تتم دراسته عادة على 4 مراحل هدفها التأكد من سلامة ونجاعة اللقاح المعتزم تقديمه للبشر، ملخصها كالآتي:

المرحلة الأولى: يُجرّب الدواء أو اللقاح على عدد من الأشخاص يتراوح بين 20 إلى 100 شخص سليم بجرعات منخفضة لمعرفة مدى سلامة استعمال الدواء على البشر؛

المرحلة الثانية: يُجرّب الدواء أو اللقاح على مئات من الأشخاص المصابين بذلك المرض المعين، لاختبار معيارين وهما سلامة ونجاعة الدواء المُقترح؛

المرحلة الثالثة: تجربة الدواء على بضعة مئات إلى بضعة آلاف من الناس، إذ يُحقن البعض بالدواء، ويُحقن آخرون بمحلول فيزيولوجي لا يملك أي خاصية من دون إخبارهم عن نوع المحلول الذي أخذوه، وذلك لتسهيل عملية ملاحظة الفعالية الخاصة بالدواء  أو القاح وجعلها أكثر مصداقية،

المرحلة الرابعة: بعد التأكد من أنّ الدواء سليم وفعّال، يسوّق له، وتستمر عملية جمع المعلومات المسجلة حول مدى هذه الفعالية والسلامة.

إلى حدود تحرير هذا المقال في 24/12/2020، تمت الموافقة على 07 لقاحات وذلك بعد مراجعتها بطريقة علمية وشفافة بعد كل مرحلة من مراحل اللقاح، والوصول إلى نتيجة أنها آمنة وفعالة (ولو بنسب مختلفة)،

يمكن الإطلاع على اللقاحات الموافق عليها، والدراسات المنشورة بعد كل مرحلة من مراحل تطوير هذه اللقاحات في صفحة COVID-19 vaccine tracker المقدمة من موقع The Regulatory Affairs Professionals Society الأمريكية (هنا

صورة شاشة تظهر أسماء اللقاحات الموافق عليها ضد وباء كوفيد-19 والهيئات المطورة لها حتى تاريخ 24/12/1010 المصدر: raps.org).

خلاف ما قال به الإعلامي لطفي غرس، يخبر الباحث Phil Domeier من مختبر Benhur Lee Lab يساعد تلقيح أكبر عدد ممكن في حصار الفيروس ومنعه من الإنتشار، وبذلك توفير حماية أكبر -خصوصا للفئات الأكثر حساسية تجاه الفيروس- وهذا ما يعرف “بمناعة القطيع“؛

آلية تأثير مناعة القطيع في الحد من انتشار وباء كوفيد-19 (المصدر leelabvirus.host).

تقييم فتبينوا: زائف، لأن اللقاحات المتوفرة ضد وباء كوفيد-19 آمنة بحسب المصادر المنشورة عن الهيئات العلمية التي وافقت عليها.

بناء على ما سبق، قررت منصة فتبينوا تصنيف مجموع الادعاءات على أنها زائفة تماما، لأنها لا تستند إلى أي دليل منطقي أو علمي، كما أنها تعارض تلك المفق عليها من طرف المجتمع العلمي.

إقرأ أيضا: الطبيب الأمريكي أندرو كوفمان يؤكد على تجاوزات خطيرة في طريقة تشخيص كورونا وتسجيل الحالات – زائف جزئيا.

المصادر

المصدر1
المصدر2
المصدر3
المصدر4
المصدر5
المصدر6
المصدر7
المصدر8
المصدر9
المصدر10
المصدر11
المصدر12
المصدر13
المصدر14
المصدر15
المصدر16
المصدر17
المصدر18
المصدر19
المصدر20
المصدر21
المصدر22
المصدر23

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Related Posts