شن الجيش الإسرائيلي قصفا مكثفا على قطاع غزة المحاصر...
العلم الزائف Pseudoscience
هو أحدّ المفاهيم الواسعة الذي يحتوي على العديد من الأشكال والأنواع التي -وفي كلّ يوم- يقرأها الناس ويصدقونها وقد تضرهم كثيرًا. العلم الزائف مُـغرٍ للعقل أكثر من العلوم الطبيعية والصحيحة، ويصدّق الناس هذه العلوم لأسباب كثيرة قد يكون أهمّها هو عدم قدرتهم على التحقّق منها، أيّ قلة حيلة من يقرأها على التأكد من مصدرها وحقيقتها، فلذلك يعمد الناس لتصديق أو تكذيب الخبر على صدق الشخص أو أهليته بشكلٍ عام، وللأسف فهذه المعلومات غالبًا ما نراها منتشرة بين الأصدقاء والأقرباء لذلك نعمد إلى تصديقهم أكثر.
مع ذلك، فإننا بطبيعتنا ميّالون أكثر نحو العلوم التي توافق بديهتنا أكثر، لذلك فلو وجدنا أيّة معلومة توافق ولو بشكل قليل البديهة الأوليّة فنحن نعمد بشكلٍ أكبر على التثبت فيها وتصديقها أكثر من العلوم الصحيحة؛ لأنها بالغالب معقّدة أكثر وتحتاج إلى توضيح وشرح أكثر.
وليس ذلك فحسب، فإن هذه العلوم الزائفة تروّج بشكلٍ دراميّ أكثر وتستهدف فئتين من الأشخاص؛ إمّا الذين لا يقدرون على التأكّد منها أو الأشخاص البعيدون في مجالهم عن هذه العلوم الزائفة المختلفة.
هذا الأمر لا يقتصر على الأشخاص البعيدين في الجانب العلميّ بلّ إنّ ذلك موثّق في المجالات العلمية، فالعلماء يحذّرون بعضهم من الانحياز التأكيدي Confirmation Bias وتعني أنّ العالم بشكلٍ عام قد يقع بالانحياز عندما يجد أيّ نتيجة جديدة توافق ما كان يبحث عنه ويبقى متعلّقًا بها ويبتعد عن المنهجية العلميّة الصحيحة، الذي يؤدي لاحقًا إلى دحضه في وقت آخر ووقوعه في الخطأ.
حسنًا، هناك الكثير من الأشكال العلمية الزائفة التي قد لا تسع الكثير من المقالات ولكنّ ولحين ذلك نقدّم هنا العديد من الفروقات التي تستطيع من خلالها التعرّف ولو بشكلٍ بسيط على العلوم الزائفة بشكلٍ عام:
1- غالبًا ما تكون المعلومات العلميّة الزائفة مبنيّة على تجارب فعليّة ولكن شخصيّة
كأن يقوم طبيب بعمل أبحاث على من يقوم بمعالجتهم دون وجود مراقبة للبيانات، ودون قدرة على فحص تلك البيانات مرّة أخرى والتأكد من الافتراضات التي تكون هنا شخصيّة وغير موضوعيّة، وفي حالة انطبقت النظرية الناتجة على الحالات التي تم دراستها فإمكانيّة تعميم النظرية على حالات أخرى هو أمر مهمّ وأن لا ننسى وخاصّةً في العلوم الطبيّة بمفهوم البلاسيبو -الذي سنتحدث عنه لاحقًا-
2- التلاعب بالبيانات لتوجيه النظرية المقترحة
فبعد جمع كميّة كبيرة من البيانات تكون هناك في بعض الأحيان أرقامٌ -على سبيل المثال- لا تنطبق بالضرورة على النظريّة فالخطأ يحصل حين يقوم الباحث بحذف هذه البيانات لتوجيه النظريّة كما يتوقعها شخصيًا.
3- لا يوجد حدّ يمكن عنده معرفة العلم الحقيقيّ عن العلم الزائف
بل إن العلم الزائف يمكن أن يقع للعالم الباحث بدون درايته وأحيانًا أخرى يكون متعمّدًا. ويكون ذلك ضمنيًا داخل المنهجيّة العلميّة نفسها؛ أيّ أنّه في العلم الزائف نفسه تكون الفرضية المقترحة قد أولت أغلب شروط المنهجيّة العلميّة ظاهريًا ولكنّ تظهر الأخطاء حين التدقيق فيها أكثر مثلاً: طريقة جمع البيانات، الإنحياز في التحليل، تغيير أرقام لمطاوعة نظريّة ما وغيرها.
4- نظريّة تفسر الكثير من الظواهر تشكّل مصدر شكوك
إن النظريّة التي تستطيع تفسير الكثير من الظواهر بالتأكيد هي نظريّة مهمّة ولكنّ مثل هذه النظريّات تكون بالغالب عرضة أكثر لوجود أخطاء فيها وإدّعاء مثاليّتها ومطاوّعتها لكل البيانات تكون مصدر شكوك للباحث عن العلم الصحيح.
5- عدم إمكانيّة فحص النظريّة وعدم إمكانيّة تخطيئها
إمكانيّة تخطيء نظريّة يعني وضعها تحت التجربة، أيّ أنّ أي نظريّة علميّة يجب أن يكون لها تجارب تصمّم بشكل خاص لوضعها تحت التجربة مرّة أخرى وذلك يؤدي في النظريّة لمصيرين: إمّا التأكيد أكثر عليها أو دحضها. ولا يعني دحضها أنّها خاطئة 100% ولكنّ ذلك قد يعني أنّ تلك النظريّة بحاجة لمراجعة أو أنّها بشكلٍ آخر تنطبق على حالات خاصّة وليست نظريّة عامة تفسر كل الظواهر التي ادّعَ الباحث بأن تلك النظريّة تستطيع تفسيرها.
6- إدعاء عدم وجود تفسيرات أخرى:
قد يكون هناك تشابه مع النقطة السابقة، حيث أنّ إمكانيّة وجود تفسيرات أخرى هي من الأمور المهمّة للنظريّة نفسها والتي تدعمها أو تدحضها. وذلك يجعل النظريّة عرضة للصُدفة أيضًا وبالتالي الحياد عن المنهجيّة العلميّة التي تركّز في مضمونها على التجربة والفرضيّة والتحليل.
7- احذر من النظرية التي تحتوي في مضمون بياناتها مطاوعة للنظرية نفسها
يجب الحذر من النظريّة التي يكون في مضمونها مطاوعة للنظريّة نفسها على البيانات المقدّمة؛ أيّ تغييرات في النظريّة أثناء تطبيق البيانات المختلفة عليها؛ الأمر الذي يجعل ظاهريًا النظريّة صحيحة وتستطيع تفسير أيّ شيء! فعلى سبيل المثال: أن يقوم الباحث بعمل تجربة وإيقافها في الوقت الذي تظهر له بيانات تساند النظريّة المقترحة من البداية وتركيب البيانات على النظريّة، أو كما يقول فرويد في نظريته عن الأحلام: ” الحلم قد يعني شيئًا في الحلم أو نقيضه أو حتى الإثنين معًا”، أيّ حسب هذا المثال فمهما كان المضمون في الحُلم فإن نظريته ستطاوع هذه البيانات.
8- العمل واحتماليّة الخطأ موجودة يضيف للبحث وللعلم الناتج صحّة علميّة أكبر من ادعاء كمالها
إن إدّعاء بأن عالمًا ما يملك المعرفة الصحيحة عن موضوعٍ ما في واقع عميق، هو ادعاء يفرّق ما بين عالم يبني استنتاجه على المنهجيّة التي تتضمن فيها أنّه قد يكون على خطأ إن أثبت أحدٌ ذلك، وما بين عالمٍ يدّعي أن نظريته ستفسّر كل شيء. أيّ أن العمل واحتماليّة الخطأ موجودة يضيف للبحث وللعلم الناتج صحّة علميّة أكبر من ادعاء كمالها من البداية. فاحتماليّة الخطأ تجعل وتوجّه الباحث للدقّة أكثر في جمع وتحليل واستنتاج أعماله؛ الذي سيؤدي بدوره إلى نتائج أكثر دقّة وعلمًا يصفُ الواقع بشكلٍ أدّق.
9- التفكير الناقد المستمر في العمل يفرّق ما بين عالمٍ يبحث عن العلم الصحيح وعالمٍ سيّء لا يجيده ولا يتبع هذا النمط المهمّ في التفكير الذي قد يؤدي إلى نتائج خاطئة وتضليلات لاحقة بعده.
إن التصديق بهذه العلوم ليس بالشيء البسيط، فبالرغم من أنّها قد تكون مضيعة للوقت لا أكثر، إلّا أنّ بعضها وخاصة في المجالات الطبيّة والنفسية قد تكون خطرًا عليك ومنها ما يجعلك تبتعد عن علاجاتك الصحيّة الطبيعيّة. تأكد من المعلومة واحمِ نفسَك.
المصادر: