شن الجيش الإسرائيلي قصفا مكثفا على قطاع غزة المحاصر...
التداوي بالاعشاب مقابل الادوية المُصنّعة
إذا كنت تعاني من مجموعة أمراضٍ مزمنةٍ وتأخذ يومياً حفنةً من أقراص الأدوية، ثم وقعت عينك على مجموعة نصائح في الواتساب تدعوك لترك هذه الأقراص واللجوء الى الأعشاب والعلاجات التقليدية؛ بادّعاء أنها حلٌ سحريٌ سيغنيك عن الطبيب -بنتائج مماثلة للأدوية لكن بأعراض جانبيّة أقل- فهل كنت ستصدق هذه الادّعاءات؟ أم أن مجموعة من الشكوك كانت ستظهر في بالك؟ هنا سنحاول أن نجيب بعض الأسئلة التي قد تطرأ في بالك.
أولا ما هو الفرق بين العلاجات العشبية والأدوية المصنّعة؟
النباتات ذات الخصائص الطبيّة تحتوي على آلاف المركبات الكيميائية التي تؤثر على العمليات الوظيفيّة بجسم الانسان. فالنبتة الواحدة تحتوي على مجموعةٍ من هذه المركبات؛ مما يعني أنها ستؤثر على أكثر من عمليّة وظيفيّة في الجسم. هنا ظهرت أهمية تصنيع الأدوية: لعزل هذه المركبات الكيميائية من النباتات وتركيزها ثم استخدام كل واحدة منها على حدة للتأثير على وظيفة محددة بالجسم. اذن تأثير النباتات هو اكثر شموليّة، ينما تأثير الأدوية المصنّعة مركّزٌ أكثر ومختصٌ بعلاج مشكلةٍ محددةٍ وبمقدار جرعاتٍ معروف.
فرقٌ آخر:
أن الأدوية المصنّعة كانت قد خضعت للكثير من البحوث العلميّة لدراسة تأثيراتها وأعراضها الجانبيّة، وتم تصنيعها وفق إجراءاتٍ لضبط الجودة، بالإضافة الى أن قطاع الادوية ككل يخضع لقوانين صارمة. على عكس العِطارة التي ليس عليها دراساتٌ كافية تثبت فعالية الأعشاب المتداولة فيها، وحتى لو كانت هذه الأعشاب العلاجية فعّالة فليس هناك ضمانات بأن هذه الأعشاب ليست مغشوشةً مثلا او مخلوطةً بأعشاب اخرى تؤدي إلى عكس النتائج المطلوبة!
ولكن كون الادوية المصنّعة والعلاجات العشبية لهما نفس طريقة العمل، فمتى نسخدم كلاً منهما؟
لكلّ مقام مقال:
فمثلا لو أتى مريض للطوارئ بمشكلةٍ طبيّةٍ طارئة، فالمناسب هو إعطاؤه دواءً للسيطرة على مشكلته سريعاً وتدارك الخطر، لا اعطاؤه منقوعات الأعشاب! نفس الشيء بالنسبة للأمراض التي لا يمكن السيطرة عليها إلا بالأدوية -كالسكري والضغط-؛ لأن الأعشاب المحتوية على تركيز قليل من المادة العلاجيّة لن تكون كافيةً لمواجهة المرض، فكان لزاماً اللجوء الى الأدوية ذات التركيز العالي من هذه المادّة للسيطرة على المرض.
أما لو كانت المشكلة الطبية بسيطةً وعارضةً -كصداعٍ أو غثيانٍ أو تلبّكٍ معويّ..وغيرهم- فيمكن اللجوء إلى العلاجات العشبيّة المناسبة. ويمكن ايضا المداومة على العلاجات العشبية لتجنب الأمراض المزمنة ولتحسين نوعيّة الحياة. كمثال: استخدام الثوم لتقليل الدهون الضارّة بالشرايين عند الشخص السليم. ولكن لنضع خطين تحت كلمة سليم، لأن نسبة الدهون لو كانت زائدة لدرجة تضيّق الشرايين والحاق الضرر فلن تكفي كيلوجرامات الثوم لحل المشكلة وعلينا وقتها الاستعانه بالأدوية: مجددا لأن تركيزها من المادة العلاجيّة اعلى.
الآن يطرأ سؤال هل يمكننا الجمع بين الأعشاب العلاجية والأدوية معا؟
عمل الأعشاب ممكن أن يتداخل مع عمل الأدوية اذا تم أخذهما معا. فالأعشاب يمكن أن تميّع الأدوية و تجعلها أكثر فعالية، و ممكن أن تسبب آثار جانبيّة محتملة. بالنسبة لمن يتناول الأدوية لعلاج مشاكل القلب، فقد تم الإبلاغ عن تفاعلات خطيرة بين أدوية القلب وبعض الأعشاب، فحذّر أخصائيو القلب في كليفلاند كلينيك من تناول الأعشاب العلاجية مع كل من: دواء الديجوكسين،مدرات البول، مخفضات كولسترول الدم، مميعات الدم، و مضادات الالتهاب اللاستيروديّة دون مراجعة الطبيب أولاً.
إذن المحصلة: لا تجمع دواءك مع أعشاب دون استشارة الطبيب أولاً لمعرفة التداخلات الدوائيّة.
أخيراً:
فانّ مهمة الاعشاب هي اعادة الجسم لنظامه الطبيعي اذا اختلّ اختلالاً بسيطاً. بينما وظيفة الأدوية هي علاج المشاكل الطبيّة الأكثر تعقيداً.
لا تقم بايقاف ادويتك تماما بغرض استبدالها بالأعشاب، لأن الأعشاب ليست كافية. و لو قررت يوما البدء بتناول مشروب عشبي الى جانب الادوية: المهم هو اطلاع طبيبك على ذلك والأخذ بمشورته.
كونوا بخير..